الآية العظيمة
قال تعالى:
﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾.
فالآية الكريمة جمعت بين فعل الله تعالى، وفعل الملائكة، وتكليف المؤمنين بالصلاة والتسليم، إشارةً إلى عظمة المقام المحمدي ومركزيته في الوجود كله.
الصلاة من الله والملائكة والمؤمنين
- صلاة الله: رحمة أزلية فياضة، تنساب عبر القابليات إلى جميع المخلوقات، والنبي ﷺ هو السبب الأول ومجرى هذه الرحمة.
- صلاة الملائكة: خضوع وطاعة للسبب الأول في الكون، وإظهار الانقياد الكامل لمقامه الشريف.
- صلاة المؤمنين: إعلان تقبل الفيض الإلهي والاعتراف بمصدر النور، فيتحقق أثرها في القلوب صفاءً ونورًا.
- التسليم: إزالة كل العوائق والعلائق للوصول إلى التسليم المطلق لإرادة النبي ﷺ التي هي عين إرادة الله تعالى.
فضل الصلاة على النبي ﷺ
قال النبي ﷺ:
«إنه جاءني جبريل فقال: إن ربك يقول لك: أما يرضيك يا محمد ألا يصلي عليك أحد من أمتك مرة إلا صليتُ عليه عشرًا، ولا يسلم عليك أحد إلا سلمتُ عليه عشرًا»
وقال ﷺ:
«ما من عبد صلى علي إلا خرجت الصلاة مسرعة من فيه، فلا يبقى برّ ولا بحر إلا وتمر به… ويخلق الله منها طائرًا له سبعون ألف جناح… كل لسان يسبح الله بسبعين ألف لغة، ويكتب الله له ثواب ذلك كله».
وعن الإمام علي كرم الله وجهه:
«أدبوا أولادكم على ثلاث خصال: حب نبيكم، وحب أهل بيته، وقراءة القرآن».
آثار الصلاة على النبي ﷺ
- تفريج الكروب وشرح الصدور.
- تيسير الأمور ونيل البركات.
- سبب لنيل الشفاعة والنجاة يوم القيامة.
وقد ورد أن رجلًا اتُّهم بسرقة ناقة، فبرأه الله بسبب كثرة صلاته على النبي ﷺ، حتى قال له النبي:
«لتردن عليّ الصراط ووجهك أضوء من القمر ليلة البدر».
محبة النبي ﷺ شرط الإيمان
قال النبي ﷺ:
«لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من والده وولده والناس أجمعين».
فالحب الكامل للنبي ﷺ هو الذي يورث الاتباع، ويجعل العبد يتقرب إلى الله حتى يبلغ مقام القرب:
«ما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به…».
مقامات الصلاة وأنواعها
- الصلاة التكوينية: فيض الرحمة الإلهية الساري في العوالم، والذي به تنبسط الموجودات.
- الصلاة التشريعية: جذب المؤمنين إلى كمالهم بالذكر والعبادة والطاعة، ليزدادوا قربًا بحسب تسليمهم للنبي ﷺ.
وقال تعالى:
﴿هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾.
أسرار الصلاة على النبي ﷺ
- هي جلاء للقلوب، ودواء للأرواح.
- أفضل الدعاء؛ لأنه دعاء للغير، وأفضل الغير هو النبي ﷺ.
- تفيض أنوارها على جميع الموجودات، لأنها متصلة بالإنسان الكامل الذي هو مظهر الرحمة الإلهية.
الخاتمة
إن الصلاة على النبي ﷺ هي روح الوجود، وهي التي تغذي القلوب والأرواح، وتفتح أبواب الرحمة والنور. فهي عبادة تجمع بين الله وملائكته والمؤمنين، وتتجلى في صورها التكوينية والتشريعية، لتبقى سرًّا من أسرار القرب الإلهي.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد الوصف والوحي والرسالة والحكمة، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا.