مقدمة

يُعدّ الإمام الحسن البصري من أعظم علماء التابعين، ومن أبرز الشخصيات التي جمعت بين الفقه والتفسير والزهد والتصوف. وُلد في المدينة المنورة في زمن الخليفة عمر بن الخطاب، وساهم بشكل كبير في نشر العلم والدعوة إلى التزكية وترك الدنيا.


نسبه ونشأته

هو أبو سعيد الحسن بن أبي الحسن يسار العوفي البصري، وُلد في المدينة المنورة قبل عامين من نهاية خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه. والده يسار كان من سبي منطقة ميسان بين البصرة وواسط، وأُعتق في المدينة المنورة حيث نشأ وتزوج فيها.


مقامه العلمي والصوفي

كان الحسن البصري إمامًا في:

  • الفقه الإسلامي

  • الحديث النبوي

  • التفسير وعلوم القرآن

  • اللغة والبلاغة والأدب

  • التصوف والزهد

وقد لبس الخرقة الصوفية من يد الإمام علي بن أبي طالب، كما أثبت ذلك الإمام السيوطي في كتابه “رفو الخرقة”. يُعتبر الحسن البصري المؤسس الحقيقي لطريق التصوف عند التابعين، وتعود إليه معظم أسانيد الصوفية.


أقوال العلماء فيه

قال محمد بن الحسن:

“كان الحسن البصري قدوةً وإمامًا في الشريعة والطريقة والسنة.”

وقال غيره:

“من أحبَّ اتباع سنة النبي ﷺ والعمل بما كان عليه الصحابة، فليقتدِ بالحسن.”


من مواعظه المشهورة

كتب الحسن البصري إلى الخليفة عمر بن عبد العزيز رسالة عظيمة، قال فيها:

“احذر هذه الدار الخادعة… فإنها مثل الحيّة، لين ملمسها وسمّها يقتل.”

وفي موضع آخر قال:

“إن الدنيا دار عمل، من صحبها بالزهد سعد، ومن رغب فيها شقي.”


من كلماته الخالدة

  • “ما رأيت يقينًا لا شك فيه، أشبه بشك لا يقين فيه، إلا الموت.”

  • “من لبس الصوف تواضعًا، زاده الله نورًا.”

  • “يا ابن آدم، لا تحقرن من الخير شيئًا… ولا تحقرن من الشر شيئًا، فكلّ شيء له وزن.”


علامات أهل التقوى عند الحسن البصري

ذكر الحسن أن لأهل التقوى علامات، منها:

  • صدق الحديث

  • الوفاء بالعهد

  • صلة الرحم

  • رحمة الضعفاء

  • حسن الخلق

  • قلة التفاخر بين الناس


وفاته

توفي الحسن البصري في البصرة في مطلع شهر رجب سنة 110 هـ، وكانت جنازته مشهودة وحافلة بالحضور. قبل وفاته أُغمي عليه، ثم أفاق وقال:

“لقد نبهتموني من جنات وعيون ومقام كريم.”

وقد رُؤي في المنام قبل وفاته، ففسر ابن سيرين تلك الرؤيا بأنها دلالة على قرب رحيل الحسن، وتحقق الأمر بعد وقتٍ قصير.


مصادر المقال

  • كتاب “أعلام الإسلام”

  • كتاب “أعلام التصوف”

  • رفو الخرقة – الحافظ جلال الدين السيوطي


خاتمة

الإمام الحسن البصري رمز من رموز العلم والزهد والتقوى في الإسلام، ترك إرثًا روحيًا وعلميًا هائلًا. سيرته العطرة، وكلماته النافذة، لا تزال تلهم القلوب الساعية إلى الله، وتُعد مرجعًا حيًّا للباحثين عن الصفاء الروحي والعبادة الخالصة.