النبي محمد صلى الله تعالى عليه وسلم يصنع من قبائل العرب أمة
تقول إيفلين كوبلد: «كان العرب قبل محمد صلى الله عليه وسلم أمة لا شأن لها، ولا أهمية لقبائلها، ولا لجماعتها، فلما جاء محمد بعث هذه الأمة بعثاً جديداً يصح أن يكون أقرب إلى المعجزات، فغلبت العالم وحكمت فيه آجالاً وآجالاً، لقد استطاع النبي القيام بالمعجزات والعجائب، لما تمكن من حمل هذه الأمة العربية الشديدة العنيدة على نبذ الأصنام، وقبول الوحدانية الإلهية… لقد وُفّق إلى خلق العرب خلقاً جديداً، ونقلهم من الظلمات إلى النور»(1).
لقد كانت حياة العرب قبل الإسلام قائمة على النظام القبلي، حيث لا رابط يوحد بين القبائل، بل الحروب والنزاعات المستمرة. فجاء الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم فحوّل هذه الوحدات المتفرقة إلى أمة واحدة، تقوم على الإيمان بالله، وترتبط برابطة الإسلام التي لا تنفصم.
ويؤكد المفكر الألماني رودي بارت: «كان العرب يعيشون منذ قرون طويلة في بوادي وواحات شبه الجزيرة، يعيثون فيها فساداً، حتى أتى محمد فجمعهم في كيان واحد متجانس»(2).
فضل النبي محمد صلى الله تعالى عليه وسلم على العرب
لقد وحد النبي صلى الله تعالى عليه وسلم الجزيرة العربية لأول مرة في التاريخ، وأخرج العرب من ظلمات الجهل إلى نور العلم والهداية.
يقول الباحث الروسي آرلونوف: «قضى محمد صلى الله عليه وسلم على عادات قومه الوثنية، ووحد قبائل العرب، وأثار أفكارهم وأبصارهم بمعرفة الإله الواحد، وهذّب أخلاقهم، ومنعهم سفك الدماء ووأد البنات… وهذه الأعمال تدل على أنه من المصلحين العظام، ذي الفكر النيّر والبصيرة النافذة»(3).
ويقول المستشرق الأيرلندي هربرت وايل في كتابه المعلم الكبير: «بعد ستمائة سنة من ظهور المسيح، ظهر محمد صلى الله عليه وسلم فأزال الأوهام، وحرم عبادة الأصنام… وهو الذي أرشد أهل الضلال إلى الصراط المستقيم»(4).
من أعظم الآثام أن يُتنكّر لدور النبي صلى الله عليه وسلم
يقول م. ج. دُرّاني: «أيقنت أن من أعظم الآثام أن نتنكر لذلك الرجل الرباني الذي أقام مملكة لله بين أقوام متحاربين لا يحكمهم قانون، يعبدون الوثن، ويقترفون الأفعال المشينة، فغير طرق تفكيرهم، وبدل عاداتهم وأخلاقهم، وجمعهم تحت راية واحدة وقانون واحد ودين واحد… وأصبحت الأمة التي لم تنجب رجلاً عظيماً واحداً منذ قرون، تنجب تحت تأثيره ألوفاً من النفوس الكريمة»(5).
وتقول اللايدي إيفلين كوبولد: «لقد استطاع محمد صلى الله عليه وسلم القيام بالمعجزات حين حمل العرب على نبذ الأصنام، وقبول الوحدانية الإلهية… ومع ذلك بقي متواضعاً، ينظف بيته، ويصلح نعله، ويعمل في سبيل الله والإنسانية»(6).
النبي محمد صلى الله عليه وسلم مؤسس الأمة القومية للعرب
يقول الباحث قسطاكي حمصي: «إذا كان سيد قريش نبي المسلمين ومؤسس دينهم، فهو أيضاً نبي العرب، ومؤسس جامعتهم القومية… لقد وحّد اللهجات العربية، وقتل العصبيات القبلية، وكان المنقذ الأكبر للعرب من فوضى الجاهلية، وواضع حجر الزاوية في نهضتهم»(7).
ويؤكد المؤرخ آرنولد توينبي: «وقف النبي محمد حياته لتحقيق رسالته في كفالة الوحدانية في الفكرة الدينية، والقانون والنظام في الحكم، وتم ذلك بفضل الإسلام الذي غيّر العرب من أمة جهالة إلى أمة متحضرة، ثم اندفع الإسلام خارج الجزيرة ليملأ الدنيا نوراً»(8).
الحديث النبوي الشريف شاهد على التحول العظيم
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلالاً فَهَدَاكُمُ اللَّهُ بِي، وَكُنْتُمْ مُتَفَرِّقِينَ فَأَلَّفَكُمُ اللَّهُ بِي، وَعَالَةً فَأَغْنَاكُمُ اللَّهُ بِي؟»
قالوا: الله ورسوله أمنّ(9).
كيف حوّل النبي صلى الله عليه وسلم العرب؟
لقد كان العرب مواد خام، ضيّعتهم الجاهلية، فأحياهم النبي صلى الله عليه وسلم بالإيمان، وأثار دفائن نفوسهم، ووضع كل واحد في موضعه، فخرج منهم رجال غيروا مجرى التاريخ.
فعمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي كان راعياً للإبل، صار بعد الإسلام مؤسس دولة عظيمة هزمت كسرى وقيصر، وأقامت العدل والتقوى والورع.
الفضل الأكبر للنبي محمد صلى الله عليه وسلم على العالم كله
يقول المستر سنكس: «إن لمحمد الفضل الأكبر ليس فقط في رقي العرب، بل في رقي العالم كله حتى اليوم… فقد خلّص العقل الإنساني من القيود الثقيلة التي كان يأسره بها الكهان، وأعاد الفكر إلى التوحيد الخالص لله تعالى»(10).
وهكذا، ارتقى العرب وغير العرب من ظلمات الجاهلية إلى نور الحضارة، بفضل رسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، الذي جعله الله رحمة للعالمين.