ولادته ونشأته
وُلد السيد الشيخ عبد القادر الكسنزان قدس الله سره في عام 1306هـ (1885م) في قرية كربجنه، نشأ في بيئة دينية زاخرة بالقيم الروحية. كان والده، السيد الشيخ عبد القادر، قدوة له في العلم والعمل الصوفي، حيث تربى على يديه ويد أخيه الشيخ حسين. منذ صغره، أظهر الشيخ عبد القادر روح الزهد والكرم، وتعلّم القرآن الكريم وعلوم الشريعة. اشتهر بحبه للزهد والتعبد، فكان يسعى إلى خدمة الفقراء والمحتاجين ومساعدة الأيتام بكل سخاء.
أقواله
كان الشيخ عبد القادر معروفًا بحكمته وعمق علمه، فقد قدم للمريدين العديد من المواعظ القيمة التي تستند إلى الشريعة والطريقة، ومنها:
- “أيها المريد، البس ثوب التوبة قميصًا نقياً صافياً، ومن لم يكن متشرعًا ومحققًا عفيفًا فإنه ليس من مريدينا.”
- “إن من كظم غيظه وعفى عن من ظلمه رقاه الله إلى مراقي الرجال.”
- “إياكم والدعاوي الكاذبة، فإنها تسود الوجوه وتعمي البصر.”
خدمته لأهل الفقه والعلماء
أسس الشيخ عبد القادر الكسنزان قدس الله سره مدرسة دينية في قرية كربجنه لتعليم الحديث الشريف وعلوم الفقه والنحو. كانت المدرسة تستقبل العديد من الطلاب، وكان التلاميذ يتلقون فيها تعاليم الإسلام الصحيحة ويخرجون منها علماء متخصصين في الشريعة.
لقد اهتم الشيخ بإرشاد المريدين وتعليمهم الأخلاق والروحانية، وكان ينقل لهم دروسًا في كيفية التوازن بين الحياة الروحية والدنيوية.
كراماته
كان الشيخ عبد القادر الكسنزان قدس الله سره صاحب كرامات عظيمة، عُرفت بقدرتها على شفاء المرضى وحل المشاكل الصعبة التي يواجهها المريدون. من أبرز كراماته:
- علاج أحد الظالمين الذي تحولت ملامحه إلى شكل امرأة بعد ظلم أحد أفراد آل البيت، فتاب توبة نصوحًا وعادت حالته الطبيعية.
- شفاء شخص كان قد اعتدى على رجل فقير واستحوذ على بقرته، فاستعاد حياته بعد أن تاب وتخلص من الظلم.
- عُرف أيضًا بتأثيره الروحي على المريدين، حيث وصل أحد المريدين، وهو من جمهوريات الاتحاد السوفيتي، إلى الشيخ بعد أن جذبته رؤياه في المنام، حيث أطلق سراحه بعد أن كان محكومًا عليه بالإعدام.
زهده وورعه
عُرف الشيخ عبد القادر بالكثير من الزهد في الدنيا، فقد كان يرفض أي شيء من متاعها الزائل. كان يعيش حياة بسيطة ويمتنع عن تناول الطعام سوى الضروري، ويصف الدنيا بأنها “ناعمة الملمس حادة الأسنان” ويحث على البعد عنها والتركيز على الآخرة.
وقد تجسد زهده في احتقاره للثروات والممتلكات، حيث كان يرتدي ملابس بسيطة ولا يهتم بالرفاهية.
توجهه الروحي
كان الشيخ عبد القادر على علاقة وثيقة بالله، وقام بأعمال عديدة للتقرب إليه، مثل اعتكافه في الجبال بعد منتصف الليل، حيث كان يظل يقرأ القرآن الكريم ويتلو الأوراد الخاصة به. كان أيضًا كثير البكاء والدعاء، وعُرف بصبره العظيم على المكاره.
وفاته
انتقل الشيخ عبد القادر الكسنزان قدس الله سره إلى جوار ربه في عام 1340هـ (1921م). كانت وفاته خسارة كبيرة للمريدين وللإسلام بشكل عام، حيث فقد العالم رجلًا صاحب علم غزير وكرامات عظيمة.
وقد خلفه على مشيخة الطريقة أخوه، السيد الشيخ عبد الكريم الكسنزان قدس الله سره، الذي استمر في نشر تعاليمه وحفظ إرثه الروحي.