قوانين الكون وعلاقتها بالدرجات

قبل حوالي 300 سنة، قدّم نيوتن قوانينه الثلاثة للحركة، والتي أصبحت مرجعاً أساسياً لفهم حركة الأجرام السماوية والأرضية. استمرت هذه القوانين تهيمن على الفكر الفيزيائي حتى جاء آينشتاين ليضع نظرية النسبية التي تناقض بشكل جذري استنتاجات نيوتن. كما أكد أن سرعة الضوء ثابتة وأن الزمان يمكن اعتباره بعداً رابعاً، مما غيّر جذرياً رؤيتنا للكون.

وفي إطار هذه النظريات العلمية، تأتي إشارات القرآن الكريم لتؤكد تمايز درجات البشر وتفاوت علمهم. يقول الله تعالى في القرآن: “لقد رفعنا بعضكم فوق بعض درجات”، حيث يوضح تمايز درجات البشر في الإيمان والعلم والروح. يرتبط هذا التمايز بنظرية علمية جديدة تُظهر أن العلم الإنساني والرباني مرتبطان بروابط دقيقة. وهذا التفسير يقودنا إلى استنتاجات تبيّن أن العلوم الربانية، مثل علوم التصوف، تسهم في فتح عوالم معرفية أوسع.

الدماغ: قدرات غير محدودة

من التساؤلات المثيرة التي يطرحها العلماء: كم يستخدم الإنسان العادي من دماغه؟ الحقيقة أن الدماغ عبارة عن شبكة معقدة من الخلايا العصبية، حيث تحتوي على مئات البلايين من الخلايا العصبية التي تسمى النيورونات. لكن ماذا يحدث عندما لا يستطيع الدماغ استيعاب أو معالجة بعض المعلومات رغم أنها محفوظة فيه؟ هذا يعود إلى وجود “الفجوات المشبكية” التي تمنع الانتقال السليم للمعلومات.

ولكن، إذا نظرنا إلى قدرة الدماغ غير المحدودة في تخزين المعلومات، نجد أن بإمكانه حفظ ما يعادل 90 مليون مجلد من المعرفة. ومن هنا، يمكننا الاستنتاج أن هناك أشخاصًا قد خصهم الله بقدرة فائقة على استخدام هذا الدماغ بشكل كامل.

علوم الظاهر والباطن

تعتبر علوم الطريقة، كما يشرح الشيخ محمد الكسنزان قدس الله سره، من أرقى العلوم التي تُكتسب من خلال مصاحبة الشيوخ والسير في طريقهم الروحي. هذه العلوم هي ما تمكن الشخص من الوصول إلى أبعاد أعمق من المعرفة والروحانية، ويُعتقد أنها تعزز قدرة الإنسان على استخدام كامل طاقاته الفكرية والروحية.

نسبية الزمان والمكان

النظرية النسبية التي وضعها آينشتاين غيرت مفاهيم الزمان والمكان بشكل جذري. وفقاً لهذه النظرية، الزمان يختلف حسب المكان في الكون، وهذا دفع العلماء للتفكير في إمكانية السفر عبر الزمن باستخدام “الثقوب الدودية”. هذه النظرية التي قد تكون مستحيلة علميًا حاليًا، تفتح الباب لإمكانية وجود أشخاص يتجاوزون الحدود المألوفة للزمان والمكان، وربما يشمل ذلك أولياء الله وأصحاب الدرجات.

البركة الإلهية: طاقة غير مرئية

الطاقة، كما يعلمنا العلم، لا تُخلق من العدم ولكنها تتحول من شكل إلى آخر. هذه الفلسفة تنطبق على معظم أشكال الطاقة المعروفة، إلا أن هناك نوعاً آخر من الطاقة، وهو البركة الإلهية، التي يصعب على العلم قياسها. إنها قوة غير مرئية لا يمكن رصدها بالأجهزة العلمية الحديثة، لكنها موجودة في الواقع الروحي للمؤمنين، خاصة أولياء الله. هؤلاء الأشخاص يُمكنهم استخدام هذه الطاقة في الأماكن والأوقات التي يشاء الله فيها.

النموذج الهولوغرافي للكون

نظرية الهولوغرام تتيح لنا رؤية الكون بشكل ثلاثي الأبعاد، حيث كل نقطة في الكون تحمل معلومات عن الكون بأسره. وهذا يشير إلى أن كل شيء في الكون مترابط، وقد وصفها العلماء مثل “ديفيد بوم” الذي أكد أن الجزيئات يمكن أن تتواصل بسرعة تفوق سرعة الضوء. هذا المفهوم قد يكون مشابهًا للكيفية التي تتشابك بها الأرواح في النظام الروحي العميق، حيث أن الكل يتصل بالكل، وربما يسمح لله “لأولياء الله” بوجود عدة “نسخ” لهم في أماكن مختلفة في نفس الوقت.

نظرية الهولوغرام
نظرية الهولوغرام

فناء المخلوقات في الذات الإلهية

إن فناء المخلوقات في الذات الإلهية يعني أن الكل يعود إلى مصدره. وهذه هي مرتبة عليا من الفناء، حيث تصبح المخلوقات جزءًا من الكل. هذا النوع من الفناء يمكن أن يحدث على درجات مختلفة، حيث يبدأ المريد بفناء في الشيخ، ثم ينتقل إلى فناء في الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم يصل إلى الفناء في الله تعالى.

الخاتمة

إن كل ما تم ذكره يبين لنا أن هناك من البشر من يتمتع بقدرات خاصة، سواء كان ذلك في استخدام الدماغ بالكامل، أو في تجاوزه للزمان والمكان، أو في امتلاكه للطاقة الإلهية. هذه القدرات تُمنح لأولياء الله وأصحاب الدرجات، الذين لهم القدرة على الاستفادة من العلوم الباطنية والظاهرة على حد سواء.

وفي الختام، يجب أن نتمسك بالحب والتقوى، والبحث عن المعرفة التي تقربنا إلى الله، حيث إن المحبة لله ولرسوله ولأولياء الله هي التي تشكل الطريق إلى الاستقامة والنجاح في الدنيا والآخرة.