محبة الإمام علي (كرم الله وجهه) في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم
كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يحرص على تربية الصحابة على محبة الإمام علي (كرم الله وجهه) تمهيدًا للميراث الروحي الذي سيحمله الإمام بعده. وقد حرص الصحابة على تعلم هذا الأمر والتشاور فيه بينهم. ومن أبرز هذه الأحاديث ما روي عن الصحابي الجليل سلمان رضي الله عنه، حيث قال له رجل: “يا سلمان، ما أشد حبك لعلي!”، فأجاب سلمان فورًا: “سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يقول: {من أحب علياً فقد أحبني، ومن أبغض علياً فقد أبغضني}”.
هذا الحديث يظهر بوضوح أن حب الإمام علي (كرم الله وجهه) هو حب لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، وبالتالي، هو حب لله تعالى، فحب الإمام علي وسيلة لتحقيق محبة رسول الله، وهي وسيلة أيضًا لمحبة الله.
التوجيه النبوي وأهمية حب الإمام علي
يعد حديث رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عن الإمام علي (كرم الله وجهه) محوريًا في التشجيع على حب الإمام، حيث قال في حديث آخر: {ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ}.
وفي هذا الشأن، يذكر الإمام الشافعي رضي الله عنه في قصيدته:
“يا آل بيت رسول الله حبكموا
فرض من الله في القرآن أنزله
يكفيكموا من عظيم الفخر أنكم
من لم يصل عليكم لا صلاة له.”
منهج الإمام علي (كرم الله وجهه) في الحياة
يستمر رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في توجيه الصحابة لاعتبار الإمام علي (كرم الله وجهه) مرشدًا روحيًا في هداية الأمة، ويظهر ذلك بوضوح في حديثه حين سئل: “مَنْ يُؤَمَّرُ بَعْدَكَ؟” فأجاب صلى الله تعالى عليه وسلم: {إِنْ تُؤَمِّرُوا أَبَا بَكْرٍ تَجِدُوهُ أَمِينًا زَاهِدًا فِي الدُّنْيَا رَاغِبًا فِي الْآخِرَةِ، وَإِنْ تُؤَمِّرُوا عُمَرَ تَجِدُوهُ قَوِيًّا أَمِينًا لَا يَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ، وَإِنْ تُؤَمِّرُوا عَلِيًّا وَلَا أُرَاكُمْ فَاعِلِينَ تَجِدُوهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا يَأْخُذُ بِكُمْ الطَّرِيقَ الْمُسْتَقِيمَ}.
يعلق الحافظ الصديق الغماري على هذا الحديث قائلاً: “هذا حديث صحيح، كالنص الصريح في تقديم علي على الشيخين رضي الله عنهما في هداية الخليفة للطريقة الحقة ومعرفة الحقيقة المعبر عنها بالصراط المستقيم، واهتدى بعلي على نحو الخصوصية العرفاء الصوفية”.
الإمام علي (كرم الله وجهه) ورؤية الصوفية
كانت كلمات الإمام علي (كرم الله وجهه) شاملة للمعاني الروحية العالية، حيث قال: “الإيمان على أربع دعائم: على الصبر واليقين والعدل والجهاد” وقام بشرح كل واحدة منها على عشرة مقامات. وهو أول من تكلم عن الأحوال والمقامات، مما جعلها محورًا للعرفاء الصوفيين في دراساتهم الروحية.
وقد ورد عن الإمام علي أنه قال في حديث كميل بن زياد: “إن هاهنا علمًا لو وجدت له حملة” وأشار إلى قلبه. هذا يشير إلى المكانة الروحية العالية للإمام علي، حيث كان يملك القدرة على بيان التوحيد والمعرفة.
المعرفة والتوجيه الروحي للإمام علي
أحاديث رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم تظهر مكانة الإمام علي من خلال تلك الإشارات والرسائل الروحية التي كانت تهيئه ليكون مرشدًا روحيًا للأمة. وعندما قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: “النظر إلى وجه علي عبادة” ، كان يشير إلى العلاقة الروحية التي يجب أن تربط المسلم بالإمام علي.
كما أن حديث رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: “أنت مني وأنا منك” يؤكد تميز الإمام علي في مقامه الروحي ويدل على العلاقة الوثيقة بين الإمام والرسول صلى الله عليه وسلم، والتي لا تقتصر على القرابة بل تشمل العلاقة الروحية والدعوية.
منقبة الإمام علي (كرم الله وجهه)
- أول من أسلم من الصبيان: عن زيد بن أرقم قال: “أول من صلى مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم علي كرم الله وجهه”.
- أخو رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما آخى النبي بين المهاجرين والأنصار، جعل عليًا أخًا لنفسه وقال له: {أنت أخي وصاحبي في الدنيا والآخرة}.
- الممدوح بالسيادة: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: {علي سيد العرب}.
- ولي الله وولي المؤمنين: قال تعالى: {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون}.
- أقضى الصحابة: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: {أقضاكم علي}.
- محبوب المؤمنين ومبغوض المنافقين: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: {لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق}.
خاتمة
إجمالاً، يظهر من هذه المنقبة الروحية أن الإمام علي (كرم الله وجهه) ليس فقط الرجل القوي المخلص في المعارك، بل هو أيضًا المرشد الروحي والمربي الذي ظل يحمل راية الإسلام بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.