اسمه:

عبد القادر بن أبي صالح موسى (جنكي دوست: محب القتال) بن الإمام عبدالله بن الإمام يحيى الزاهد بن الإمام محمد بن الإمام داود بن الإمام موسى بن الإمام عبدالله بن الإمام موسى الجون بن الإمام عبدالله المحض بن الإمام الحسن المثنى بن الإمام الحسن السبط بن الإمام علي وسيدتنا فاطمة الزهراء عليهم السلام.

مولده وبدايته:

وُلد الشيخ عبد القادر في 11 ربيع الآخر سنة 470 هـ في قرية (نييف) بجيلان. واتفق العلماء المحققون على صحة نسبته إلى السبط الحسن رضي الله عنه. كانت أمه، أم الخير أمة الجبار فاطمة بنت أبي عبد الله الصومعي، ونسبها يعود إلى الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه. وقد نقل عن أمه قولها أنها أثناء ولادته لم يرضع من ثديها في نهار رمضان، مما جعلها تلاحظ أنه وُلِد في يوم رمضان وتعتبره إشارة لولادة من يشرف نسبه.

عندما بلغ الشيخ عبد القادر الثامنة عشرة من عمره، طلب من والدته أن تهبه لله عز وجل، وهو ما استجابت له وسمحت له بأن ينطلق في طريق العلم والتصوف. فغادر من كردستان العراق إلى بغداد، حيث بدأ رحلته الروحية.

حياته:

روي عن الشيخ عبد القادر أنه أمضى خمساً وعشرين سنةً سائحًا متجردًا في براري العراق وخرابه، حيث كان يأكل من نبات الأرض ويشرب من الأنهار. كان يصلي العشاء بوضوء الصبح ويبدأ بتلاوة القرآن حتى ينهى السورة في السحر. ثم التقى في بغداد بالشيخ حماد الدباس في ليلة مطيرة باردة، وكان هذا اللقاء بداية جديدة في مسيرته، حيث بشره الشيخ حماد وقال له: “يا ولدي عبد القادر، الدولة اليوم لنا وغداً لك”، وهي نبوءة تحققت فيما بعد.

قال الشيخ عبد القادر عن نفسه: “كنت أتمنى أن أظل في الصحارى والبراري كما كنت أولاً لا أرى الناس ولا يروني، ولكن أراد الله عز وجل مني منفعة الخلق، فأسلم على يدي أكثر من خمسمائة من اليهود والنصارى، وتاب على يدي أكثر من مئة ألف من العيارين والمسالحة”.

صفاته وشمائله:

كان الشيخ عبد القادر قدس الله سره صادق الفراسة، قوي العزيمة والإرادة، عميق التأثير في الناس بحاله ومقاله. كان يتكلم عن الخواطر ويعبّر عن ما تكنّه السرائر، وكان له القدرة على التأثير في الناس وجذبهم إلى الخير. اشتهر بمجلسه الذي كان يضيق بالناس لدرجة أنهم كانوا يقفون حوله على الخيل والبغال والحمير، حيث كان يحضر مجلسه نحو سبعين ألف شخص، وكان يسمعه القريب والبعيد.

علومه وعبادته:

اشتغل الشيخ عبد القادر بعلوم اللغة وآدابها على يد الشيخ علي بن يحيى التبريزي، وأصبح شاعرًا وخطيبًا بارعًا. كان علمه في الفقه والأصول والمعقول والمنقول من أعلى الطبقات. كان يدرس القرآن بالقراءات المختلفة بعد الظهر، ويقرأ علوم الحديث والمذاهب والخلاف في طرفي النهار، بالإضافة إلى الفتوى وفق المذهبين الشافعي والحنبلي. كانت فتواه تُعرض على العلماء في العراق فيُعجبون بها.

طريقته في التصوف:

تولى الشيخ عبد القادر قدس الله سره رئاسة التصوف في عصره بعد أبي سعيد المخزومي، وكان يلقب بـ “الغوث الأعظم”. كان له طريقة خاصة في التصوف تعتمد على التوجه الكامل لله، واهتم بتوحيد الطرق الصوفية وتنسيقها لخدمة الإسلام والمسلمين. عمل على تصحيح التصوف وردّه إلى وظيفته الأصلية كمدرسة تربوية تهدف إلى غرس معاني التجرد والزهد الصحيح.

مدرسته وإصلاحه للمجتمع:

أسس الشيخ عبد القادر مدرسته القادرية في بغداد، والتي أصبحت منارة علمية ودينية. شهدت المدرسة إقبالًا كبيرًا من مريديه ومن مختلف طبقات المجتمع، حيث كانت تخرج العلماء والأولياء الذين حملوا تعاليمه السديدة. كانت المدرسة تعج بالمريدين من مختلف البلدان، وقد تخرج فيها العديد من العلماء والأولياء الذين نشروا تعاليمه في أنحاء العالم.

كراماته:

تعددت كرامات الشيخ عبد القادر، ومنها ما روي عن زيادة منسوب نهر دجلة حتى كادت بغداد تغرق، فما كان من الشيخ عبد القادر إلا أن أخذ عصاه وذهب إلى شاطئ النهر، وقال: “إلى هنا”، فبدأ منسوب الماء ينخفض على الفور. كما روي عنه أنه في أحد الأيام كان جالسًا في مجلسه عندما سقطت حية كبيرة في حجره، فجلس بثبات وأكمل كلامه بينما كانت الحية تلتف حوله وتخرج من ثيابه دون أن تؤذيه.

من بديع كلامه:

قال الشيخ عبد القادر قدس الله سره:

  • “أخرجوا الدنيا من قلوبكم إلى أيديكم فإنها لا تضرّكم.”
  • “الاسم الأعظم أن تقول الله وليس في قلبك سواه.”
  • “كونوا بوَّابين على باب قلوبكم، وأدخلوا ما يأمركم الله بإدخاله، وأخرجوا ما يأمركم الله بإخراجه.”
  • “لا تظلموا أحدًا ولو بسوء ظنكم فإن ربكم لا يجاوز ظلم ظالم.”
  • “كلما جاهدت النفس وقتلتها بالطاعات، كلما حييت.”

مصنفات الشيخ عبد القادر الجيلاني:

  • سر الأسرار
  • الوصايا
  • تحفة المتقين
  • سبيل العارفين
  • حزب الرجاء والانتهاء
  • الرسالة الغوثية
  • الغنية
  • الفيوضات الربانية في الأوراد القادرية
  • الكبريت الأحمر في الصلوات على النبي ﷺ
  • مراتب الوجود
  • معراج لطيف المعاني
  • يواقيت الحكم
  • جلاء الخاطر في الباطن والظاهر

انتقاله إلى جوار ربه:

انتقل الشيخ عبد القادر قدس الله سره إلى جوار ربه في 8 ربيع الآخر 561 هـ عن عمر يناهز 91 سنة، مخلفًا وراءه إرثًا عظيمًا من العلم والحكمة التي أثرت في جميع أرجاء العالم الإسلامي.