اسم الجبار في القرآن والسنة النبوية

ورد اسم “الجبار” في القرآن الكريم مرة واحدة فقط، وذلك في قوله تعالى:

“هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ” (سورة الحشر، الآية: 23).

في هذه الآية، يعتبر الجبار من الأسماء الحسنى التي تشير إلى قدرة الله تعالى في إصلاح الأمور وكسر المتكبرين. فـ الجبار في هذا السياق هو الذي يجبر المنكسرين ويفتح لهم أبواب الأمل بعد الظلم، هو الذي يجبر القلوب المكسورة ويدفعها للثبات.

الجبار في السنة النبوية

ذكر اسم الجبار في العديد من الأحاديث النبوية، منها ما رواه البخاري من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه:

“تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة يتكفؤها الجبار بيده كما يكفأ أحدكم خبزته في السفر نزلا لأهل الجنة.”

وهذا الحديث يظهر أن الجبار في هذا السياق هو الذي يتحكم في مصير الكون ويقلبه كما يشاء.

الجبار في علم الأرقام

من خلال علم الأرقام، يتضح أن اسم الجبار في اللغة العربية له قيمة عددية تساوي 206، وذلك بناءً على القيم العددية للأحرف (ج = 3، ب = 2، أ = 1، ر = 200). وتجد هذه القيمة تتوافق مع موقع اسم “الجبار” في السلسلة التسلسلية للأسماء الحسنى الواردة في الآية الكريمة، حيث الجبار يأتي في الموقع الثامن.

الجبار في صفة الإنسان

عند الحديث عن الجبار في سياق الإنسان، يذكر الأصفهاني في كتابه “غريب القرآن” أن الجبار يطلق على الشخص الذي يجبر نقصه بادعاء منزلة عالية لا يستحقها، ويستخدم هذا المعنى في الذم. على سبيل المثال، ورد في القرآن قوله تعالى:

“وخاب كل جبار عنيد” (إبراهيم: 15)

وكذلك في قوله:

“وَمَا جَعَلَنِي جَبَّارًا شَقِيًّا” (القصص: 32).
الحديث عن الجبار في هذا السياق يتحدث عن الإنسان المتكبر الذي يرفض قبول الحق.

اللفظ اللغوي “الجبار” في القرآن والحديث

أحد أوجه الاستخدام المهم للفظ “الجبار” هو من باب الفعل والتأثير. فعندما نستخدم هذا الاسم بالنسبة لله تعالى، فإنه يُفهم على أنه الذي يجبر الناس على ما يريد. في اللغة العربية، يعتبر الجبار من صفات الفعل، فهو الذي لا يعجز عن إتمام إرادته في خلقه، سواء أرادوا أم لم يريدوا.

التفسير الصوفي لاسم “الجبار”

يقول أبو القاسم القشيري: “الجبار هو المتكبر في ذاته، والجبار من الجبرية، وهو أحد الأسماء التي تعكس القوة المطلقة لله تعالى في التعامل مع خلقه”. ويضيف أيضًا: “الجبار هو المصلح في المقام الأول، يقال جبرته على الأمر أي أجبرته، وهذا يعني أن الله سبحانه يصلح الكون بما يشاء ولا يقدر أحد على معارضته.”

رأي العلماء الصوفية في الجبار

الشيخ أبو حامد الغزالي يرى أن الجبار هو الذي تنفذ مشيئته على كل شيء:

“الجبار هو الذي لا يخرج أحد عن قبضته، ولا تنفذ فيه مشيئة أحد.”

ويقول الشيخ الأكبر ابن عربي: “الجبار هو الذي جبر عباده في اضطرارهم واختيارهم، فهم في قبضته.”

الجبار في حق النبي محمد صلى الله عليه وسلم

عند الحديث عن الجبار في حق النبي محمد ﷺ، يقول القاضي عياض في كتابه “الشفاء”:
“وقد سمي النبي في كتاب داود بجبار، وقال: تقلد أيها الجبار سيفك، ناموسك وشريعتك مقرونة بهيبة يمينك.”
ويضيف: “الجبار هنا كان لإصلاحه لأمته بالهداية والتعليم.”
هذا يعني أن النبي ﷺ قاهر أعدائه بعظمته، مصلح أمته بتوجيهاته وإصلاحه.

خلاصة معنى “الجبار”

اسم الجبار في وصف الله تعالى يعني أنه الذي يجبر الناس بما يشاء، سواء في أفعالهم أو في حالهم، فهو الذي لا يعترضه شيء. هو الذي يقهر عباده على ما أراد. لكن في نفس الوقت، هذا الاسم في السياق البشري يُستخدم لوصف التكبر والظلم، لذا فإننا نلاحظ تباينًا بين معنى الجبار في سياق الله تعالى وبين المعنى البشري.