حبيب بن عيسى بن محمد العجمي، أحد أعلام الزهد والتصوف في القرن الثاني الهجري، أصله من بلاد فارس وسكن في مدينة البصرة. تتلمذ على يد العارف الكبير الحسن البصري، وكان من أبرز رجالات الطريق الروحي في عصره.
النسب والمنشأ
-
الاسم الكامل: حبيب بن عيسى بن محمد
-
الكنية: أبو محمد
-
اللقب: العجمي
-
الأصل: من بلاد فارس
-
مكان الإقامة: البصرة
بداية التوبة والسلوك الروحي
كان حبيب في بداية حياته تاجرًا. وذات يوم مرَّ بصبية في السوق، فقال أحدهم: «هذا آكل الربا!»
فشعر حبيب بالانكسار وقال: «يا رب، لقد أفشيت سري حتى للأطفال!»
فأسرع إلى الحسن البصري، وطلب منه أن يدله على طريق التوبة. فشجّعه الحسن على الإنابة، ودلّه على سبيل العودة إلى الله.
تاب حبيب توبة نصوحًا، وردَّ الأموال إلى أهلها، وطلّق زوجته، واعتزل الناس، واتخذ له صومعة قرب النهر يتفرغ فيها للعبادة.
وسرعان ما انتشر خبره بين الناس، حتى صار الصغار الذين كانوا يسخرون منه يفرّون خشية أن يسيئوا الأدب في حضرته.
كراماته وأشهر رواياته
١. الدعاء المجاب في وقت المجاعة
حين أصاب البصرة قحط، اشترى حبيب الطعام ووزّعه على الفقراء. ثم خاط أكياسه الفارغة ووضعها تحت رأسه ودعا الله تعالى.
في اليوم التالي جاءه أصحاب الطعام ليأخذوا مستحقاتهم، ففتح الأكياس، فإذا بها مملوءة دراهم، توازي ما عليهم من ديون بالضبط!
٢. الرزق السماوي لزوجته
طلبت زوجته السابقة منه النفقة، فقال لها: «أنا الآن أخدم عند كريم، وأستحيي أن أطلب منه الأجرة قبل وقتها، وقد وعدني بها بعد عشرة أيام.»
بعد تمام العشرة، دخل شاب مشرق الوجه بيته، ومعه صرة فيها ثلاثمئة درهم، وحمل من الدقيق، وآخر من العسل والسمن، وقال:
«أرسلني من استعمل حبيب بعمله، ويقول: إن زاد حبيب في عمله زدناه في أجره.»
عندما عاد حبيب في المساء وسمع القصة، بكى وقال: «إن كان هذا أجر عشرة أيام، فكيف يكون أجر عمر كامل في طاعة الكريم؟»
٣. عودة غيبية لابن امرأة
جاءت امرأة مسنة إلى حبيب باكية وقالت: «ابني غائب في السفر منذ زمن، ولا أعلم إن كان حيًّا أم ميتًا.»
فسألها إن كان معها شيء من المال، فأخرجت درهمين، فقال لها: «أنفقيهما في سبيل الله على الدراويش.»
ففعلت، وقال لها: «ارجعي إلى بيتك، بإذن الله ستجدين مرادك.»
وعندما عادت، فوجئت بابنها في البيت، وسألته عن حاله، فقال:
«كنت قبل قليل في كرمان أشتري لحمًا، فهبَّت ريح شديدة، وسمعت صوتًا يقول: أيتها الريح، احملي هذا الشاب إلى أمه! وفجأة وجدت نفسي هنا!»
طريقته
كان حبيب العجمي من أتباع الطريقة العلية، وتلقاها عن شيخه الحسن البصري. عُرف بالإخلاص، والزهد، والانقطاع إلى الله، وكان ملهمًا لكثير من السالكين.
وفاته
توفي سنة 119 هـ، وبقيت سيرته العطرة مضرب المثل في التوبة والعبادة والكرامة.
المصادر
-
يوسف النبهاني – جامع كرامات الأولياء – ص387
-
ابن الملقن – طبقات الأولياء – ص182
-
مرتضى بن محمد آل نظمي البغدادي – تذكرة الأولياء – ص156–158