فائدة الطريقة في الحياة
الطريقة تُحوِّل حياة الإنسان تحولًا عظيمًا. فالعارف الكبير جلال الدين الرومي، بعد لقائه بشمس التبريزي ودخوله في الطريقة، شبّه نفسه بميّت عاد إلى الحياة. وقد وصف هذا التحول بقوله:
كنتُ ميتًا فعُدتُ حيًّا، كنتُ باكيًا فأصبحتُ ضاحكًا
أقبلتْ دولةُ العشق، فأصبحتُ صاحبَ الدولة الباقية
للاطّلاع على بعض الفوائد العميقة والبركات العظيمة التي تجلبها الطريقة إلى حياة الإنسان، ندعوكم لمشاهدة هذا الفيديو:
كما يُرى في هذا الفيديو أيضًا، فإن السالك في طريق السلوك الروحي يستنير بتوجيهات أستاذٍ روحانيّ يُعرف اصطلاحًا بـ « شيخ الطريقة».
وفي الطريقة القادرية، فإن هذا الشيخ الجليل هو حضرة الشيخ شمس الدين محمد نهرو الكسنزان القادري الحسيني، الذي ينتسب إلى النسل الشريف للإمام الحسين عليه السلام.
ويمكنكم مشاهدة بعض كرامات هذا الشيخ الجليل وعناياته في الفيديو التالي:
لإحداث تغيير إيجابي ومجاني في حياتك، ابدأ رحلتك التحويلية الآن من خلال التواصل معنا.
العودة إلى النور: طريق للخلاص من الاكتئاب والعيش بلا هدف
في زمننا الحاضر، يبدأ كثير من الناس يومهم بالاستيقاظ، ثم الذهاب إلى العمل، والانغماس في الانشغالات اليومية. يقضون ساعات عمرهم في أعمالٍ لا ضرورة لها أحيانًا، ولا هدف من ورائها. وعندما يعودون ليلًا مرهقين إلى بيوتهم، يقضون ما تبقّى من وقتهم بين الهاتف والتلفاز، ثم يخلدون إلى النوم ليُعيدوا الدورة نفسها في اليوم التالي.
هؤلاء لا يعلمون لماذا خُلقوا، وما هو الهدف الحقيقي من وجودهم. كل ما يشعرون به هو مرور الوقت… دون أن يجدوا له معنى.
في هذا النمط من الحياة، يقع الكثيرون في فخّ الاكتئاب والرتابة. ومن أبرز الأزمات العاطفية الشائعة اليوم ما يُعرف بـ «الطلاق العاطفي»؛ حيث يعيش الزوجان تحت سقفٍ واحد، لكن كلٌّ منهما يشعر بالوحدة. الحبّ قد تلاشى، لكنهم لا ينفصلون لأسباب تتعلق بالأولاد، أو السمعة، أو المال.
ولو سألتَ الناس: ما أحلى أيام حياتكم؟ لَقال أكثرهم: أيام الطفولة. تلك الأيام التي كانت القلوب فيها صافية، والوجوه مفعمة بالفرح.
ربما لاحظت أن المواليد الجدد يُولدون ومعهم نورٌ في أعينهم ووجوههم، يجذب القلوب إليهم. حتى الحيوانات – في الغالب – لا تؤذيهم. هذا النور، كما يقول العارفون، هو انعكاس لـ «نور محبة الله» أو «البركة الإلهية». الطفل الذي يحمل هذا النور يكون محبوبًا وكاريزميًا دون أن يسعى لذلك.
هذا النور الداخلي هو بحدّ ذاته مضاد طبيعي للاكتئاب؛ مصدر للأمل والبهجة لمن حوله. ولكن مع مرور الزمن، وانخراط الإنسان في عالم الزخرف والمعصية، تبدأ الحُجُب بالتراكم على قلبه، فتمنع وصول نور المحبة الإلهية إليه. ولهذا قد يتحوّل طفل سعيدٌ محبوبٌ إلى إنسان مكتئبٍ بارد في كِبَرِه.
ويقول العارفون: إن من أراد أن يستعيد هذا النور، ويصبح محبوبًا وكاريزميًا من جديد، فعليه أن يزيل الحجب التي تراكمت على قلبه. وهذه الحجب ما هي إلا آثار الذنوب والسيئات. والطريق إلى إزالة هذه الحُجُب هو التوبة الصادقة؛ أي الرجوع إلى الله من أعماق القلب.
لكن كثيرًا من الناس، رغم توبتهم، لا يرون أيّ تغيرٍ في أحوالهم. لا يزال الاكتئاب يثقل صدورهم، ولا تزال حياتهم باردة خاوية. لماذا؟ لأن توبتهم لم تُقبل.
قال الله تعالى في القرآن الكريم:
﴿وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ، فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ، وَكَانَ الْإِنسَانُ كَفُورًا﴾ ]سورة الإسراء: ٦٧[
فالتوبة التي لا تُقبل، كأنها شيكٌ رُدّ في السوق. وكما أن الشيك لا يُصرف إلا بضامنٍ موثوق، فكذلك التوبة لا تُقبل إلا إذا كانت عبر واسطةٍ مقربة من الله.
وفي التصوف الإسلامي، يُطلق على هذه الواسطة اسم «الشيخ» أو «مرشد الطريقة»؛ وهو إنسان طاهر، مُقرّب من الله، مقبول لديه. فإذا تاب الإنسان على يد شيخٍ صالحٍ كهذا، والتزم بتعاليمه الخاصة لمدة أربعين يومًا، رأى التغيير في حياته بوضوح: يزول الاكتئاب، ويعود إليه السكون ومحبة الحياة، ويتدفّق نور البركة الإلهية في قلبه من جديد.
إنه النور ذاته الذي يولد به الأطفال… ونحن قادرون على أن نعود إليه من جديد.
كيف تتم التوبة بواسطة الشيخ؟
لأجل توبةٍ مؤثرة ومقبولة، يُعدّ أحد الأساليب الأساسية في التصوف الإسلامي هو التوبة من خلال وسيطٍ مقرّب من الله تعالى، يُعرف اصطلاحًا بـ »شيخ الطريقة«.
ولتحقيق ذلك، ينبغي أولًا الانضمام إلى الطريقة، وهو أمرٌ بسيط وسريع. وقد بيّنا خطواته بشكل كامل في قسم »كيف تأخذ الطريقة« على موقعنا.
هل يجوز اتخاذ الوساطة للتقرّب إلى الله؟
الجواب واضح: نعم، جائزٌ تمامًا وله أصلٌ راسخ في القرآن الكريم.
الاستعانة بوليٍّ صالح لطلب المغفرة، ورفع الحجب عن القلب، واسترجاع نور وبركة الله في الحياة، ليست فقط جائزة، بل أمرٌ مُؤكَّد عليه في النصوص الشرعية.
المثال القرآني الأول: توبة أبناء يعقوب عليه السلام
في الآيتين (97 و98) من سورة يوسف، وبعد شعورهم بالندم، لم يتوجّه إخوة يوسف مباشرةً إلى الله، بل طلبوا من أبيهم يعقوب عليه السلام أن يستغفر لهم:
﴿قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ﴾
فقال لهم يعقوب:
﴿سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾
فإن كان أبناء نبيّ، وهم في بيت النبوة، طلبوا وساطة أبيهم لقبول توبتهم، فكيف بنا نحن؟ ألا نحتاج إلى وساطة شيخٍ ربانيٍّ صالح مقبولٍ عند الله؟
المثال القرآني الثاني: شفاعة النبيّ صلى الله عليه وآله
قال الله تعالى في سورة النساء (آية 64):
﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ، فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ، وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ، لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا﴾
الله عز وجلّ يُوضّح أن التوبة تكون أبلغ أثرًا عند المرور عبر رسول الله صلى الله عليه وآله ، أي بحضور وسيطٍ إلهي.
الخلاصة:
اتخاذ الشيخ كوسيطٍ للتوبة في التصوف الإسلامي ليس بدعة، بل له جذور قرآنية وسنّية أصيلة.
فإن أردت توبةً مقبولةً بحق، وتغييرًا حقيقيًا في حياتك، وعودة النور والبركة إلى قلبك، فلا تفوّت هذا الطريق النوراني، وابدأ رحلتك الآن عبر التواصل معنا.